مبادرة مليون سعودي للذكاء الاصطناعي
في ظل التحولات التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد الركائز الأساسية في بناء اقتصاد رقمي معرفي متطور. ومن منطلق سعي المملكة العربية السعودية إلى أن تكون في طليعة الدول الرائدة في هذا المجال، أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي" تحت مسمى "سماي"، خلال قمة مستقبل الذكاء الاصطناعي. تهدف هذه المبادرة الوطنية الرائدة إلى تمكين مليون مواطن ومواطنة من اكتساب المهارات والمعارف التقنية المتقدمة، بما يسهم في إعداد كوادر وطنية قادرة على مواكبة التطورات العالمية، ودعم رؤية المملكة 2030 نحو اقتصاد مبني على المعرفة والابتكار.
رؤية المبادرة
تسعى مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي" إلى بناء مجتمع سعودي واعٍ بالذكاء الاصطناعي، يمتلك أدوات العصر الرقمي، وقادر على استثمار إمكاناته لتطوير قطاعات الأعمال والخدمات، وابتكار حلول ذكية تخدم المجتمع والاقتصاد الوطني. وتتمثل رؤية المبادرة في أن يكون لكل فرد سعودي دور فاعل في صناعة المستقبل الرقمي، من خلال تعزيز المهارات التقنية وتوسيع نطاق المشاركة في الثورة الصناعية الرابعة، بما يسهم في ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي للبيانات والذكاء الاصطناعي.
أهداف المبادرة
تركز مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي" على تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وفي مقدمتها:
-
رفع مستوى الوعي التقني لدى مختلف شرائح المجتمع بأهمية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في الحياة اليومية وقطاعات الأعمال.
-
تمكين الكوادر الوطنية من المهارات الرقمية الحديثة، وتأهيلهم لسوق العمل المستقبلي القائم على البيانات والتقنيات المتقدمة.
-
سد الفجوات المهارية بين متطلبات سوق العمل الحالية والمستقبلية، من خلال تقديم برامج تدريبية تخصصية وشهادات معتمدة.
-
تعزيز ثقافة الابتكار والإبداع التقني، عبر دعم المبتكرين ورواد الأعمال وتمكينهم من استثمار الذكاء الاصطناعي في تطوير حلول جديدة.
-
بناء قاعدة معرفية وطنية تضم مليون متعلم سعودي في مجال الذكاء الاصطناعي، تسهم في تعزيز مكانة المملكة على خارطة التقنية العالمية.
الفئات المستهدفة
حرصت المبادرة على أن تكون شاملة ومتاحة لكافة شرائح المجتمع، بحيث تتناسب مع اختلاف الاهتمامات والمستويات التقنية. وتشمل الفئات المستفيدة:
-
طلاب وطالبات الجامعات والكليات: بهدف إعداد جيل أكاديمي متمكن من أدوات الذكاء الاصطناعي قبل تخرجه.
-
الموظفون والمتخصصون في القطاعين الحكومي والخاص: لرفع كفاءتهم وتطوير أدائهم في بيئات العمل التقنية.
-
روّاد الأعمال والمبتكرون: من خلال دعمهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لتطوير منتجات وخدمات ذكية.
-
الجمهور العام المهتم بالتقنية: عبر برامج مبسطة تهدف إلى نشر الوعي بالتقنيات الحديثة وتأثيرها على مختلف جوانب الحياة.
مكونات البرنامج التدريبي
تقدم مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي" برنامجًا تدريبيًا متكاملًا مصممًا بعناية ليتناسب مع جميع المستويات، بدءًا من المبتدئين وحتى المحترفين. ويهدف هذا البرنامج إلى تزويد المتدربين بالمعارف والمهارات الأساسية والمتقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي، من خلال مسارات تعليمية مرنة تجمع بين المحتوى النظري والتطبيق العملي. ويتكون البرنامج من خمس مكونات رئيسية:
-
مقدمة في الذكاء الاصطناعي
يتعرف المتدرب من خلالها على أساسيات الذكاء الاصطناعي، وتاريخه، وأبرز تطبيقاته، وأثره على القطاعات المختلفة. -
إنتاجية الذكاء الاصطناعي
تهدف هذه المرحلة إلى تعريف المتدربين بكيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الإنتاجية الشخصية والمهنية، مع تطبيقات عملية في تحليل البيانات، وتوليد المحتوى، وتحسين العمليات. -
هندسة الأوامر (Prompt Engineering)
يتعلم فيها المشاركون كيفية التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي (مثل نماذج اللغة الكبيرة)، من خلال بناء أوامر دقيقة وفعّالة للحصول على نتائج أفضل. -
أخلاقيات الذكاء الاصطناعي
تركّز هذه الوحدة على التوعية بالممارسات الأخلاقية أثناء استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأهمية حماية الخصوصية، والحد من التحيّزات الخوارزمية، وتعزيز الاستخدام المسؤول للتقنيات. -
متابعة التطورات والاتجاهات الحديثة
تهدف هذه المرحلة إلى مواكبة المستجدات التقنية، وأحدث التطبيقات، والممارسات العالمية في الذكاء الاصطناعي، بما يضمن استمرار التعلم والتطوير.
المستويات التدريبية:
-
مبتدئ: للمبتدئين الذين لا يمتلكون خلفية تقنية.
-
متوسط: للمستخدمين الذين لديهم معرفة أساسية ويرغبون في التوسع.
-
متقدم: للمتخصصين والراغبين في بناء تطبيقات وحلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
أساليب التعلم:
يُقدَّم البرنامج عبر مجموعة من الوسائط التعليمية:
-
فيديوهات تدريبية تفاعلية
-
ورش عمل افتراضية
-
مشاريع تطبيقية
-
تقييمات واختبارات دورية
الشركاء الاستراتيجيون
تتعاون مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي" مع مجموعة من الشركاء المحليين والدوليين، من أجل ضمان تقديم محتوى تدريبي عالي الجودة يتوافق مع أفضل المعايير العالمية. وتسعى المبادرة من خلال هذه الشراكات إلى تحقيق أقصى استفادة للمتدربين، وفتح آفاق أوسع للمشاركة في مشاريع ابتكارية وريادية.
من أبرز الشركاء:
-
الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا): الجهة المنظمة والداعمة للمبادرة.
-
شركات التقنية العالمية مثل:
-
Google Cloud
-
Microsoft Azure
-
IBM AI
-
Amazon Web Services (AWS)
-
-
منصات التعليم الإلكتروني: Coursera، Edraak، FutureX
-
الجامعات السعودية: جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبدالعزيز، جامعة الأميرة نورة
-
جهات حكومية داعمة: وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وزارة التعليم، صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)
قصص نجاح من المبادرة
منذ انطلاقها، أسهمت مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي" في تحقيق العديد من قصص النجاح الملهمة لأفراد ومؤسسات. ومن أبرز هذه النماذج:
-
قصة محمد القحطاني
شاب سعودي بدأ مساره المهني دون خلفية تقنية، لكنه التحق بمسار "مقدمة في الذكاء الاصطناعي" ضمن المبادرة، وأتقن مبادئ تحليل البيانات وبناء نماذج التعلم الآلي. تمكن لاحقًا من تطوير نموذج ذكاء اصطناعي بسيط لتحليل بيانات المبيعات في شركته، مما ساعد على تحسين كفاءة العمليات وزيادة الأرباح بنسبة 15%. -
قصة ريم الزهراني
طالبة جامعية التحقت بمسار "هندسة الأوامر"، حيث صممت أوامر دقيقة لاستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج ملخصات طبية دقيقة باللغة العربية، مما فتح لها فرصة للمشاركة في مسابقة دولية ضمن مؤتمر الذكاء الاصطناعي للغات الطبيعية. -
قصة نجاح مؤسسة ناشئة
تعاونت إحدى الشركات الناشئة المتخصصة في الحلول التقنية مع أحد الشركاء العالميين للمبادرة، واستفادت من البرامج التدريبية والمشاريع التطبيقية، حتى تمكنت من تطوير تطبيق ذكي لتحليل نصوص وسائل التواصل الاجتماعي، يُستخدم اليوم من قبل عدد من المؤسسات الحكومية لرصد مؤشرات الرأي العام.
المؤشرات وقياس الأثر
منذ انطلاقها، تهدف مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي" إلى تحقيق تأثير ملموس في تطوير المهارات الرقمية للمواطنين السعوديين. بينما لم تُعلن الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) عن أرقام دقيقة حتى الآن، إلا أن المؤشرات الأولية تشير إلى إقبال واسع من مختلف الفئات العمرية والمهنية على التسجيل والاستفادة من البرامج التدريبية.
تُقاس فعالية المبادرة من خلال عدة مؤشرات، منها:
-
عدد المسجلين والمشاركين النشطين: يعكس مدى انتشار الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي.
-
نسبة إتمام البرامج التدريبية: تُظهر التزام المشاركين واستفادتهم من المحتوى المقدم.
-
تحسين فرص التوظيف والترقيات: مما يدل على تأثير المبادرة في تعزيز الكفاءات الوطنية.
-
المشاريع التطبيقية المنجزة: تُبرز القدرة على تحويل المعرفة إلى حلول عملية.
تسعى سدايا إلى استخدام هذه المؤشرات لتقييم الأثر المستدام للمبادرة وتوجيه التحسينات المستقبلية.
كيفية التسجيل والمشاركة
للانضمام إلى مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي"، يمكن اتباع الخطوات التالية:
-
زيارة المنصة الرسمية: توجه إلى الموقع الرسمي للمبادرة عبر الرابط: https://samai.futurex.sa.
-
إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول: إذا كنت مستخدمًا جديدًا، قم بإنشاء حساب باستخدام بريدك الإلكتروني. أما إذا كان لديك حساب مسبقًا، فقم بتسجيل الدخول.
-
اختيار البرنامج التدريبي المناسب: استعرض البرامج التدريبية المتاحة واختر ما يتناسب مع اهتماماتك ومستوى معرفتك.
-
بدء التعلم: بعد اختيار البرنامج، يمكنك البدء في متابعة الدروس والمحتوى التدريبي المتاح.
لأي استفسارات أو دعم فني، يمكن التواصل عبر:
-
البريد الإلكتروني: samai@sdaia.gov.sa
-
رقم الهاتف الموحد: 8001221111
تمثل مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي" خطوة طموحة تعكس رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع رقمي متقدم قائم على الابتكار والمعرفة. ومع تسارع التحولات التقنية العالمية، أصبح الذكاء الاصطناعي من أهم الأدوات التي تعيد تشكيل الاقتصاد، والخدمات، والقطاعات الحيوية.
إن الاستثمار في تنمية الكوادر الوطنية في هذا المجال لا يقتصر على تلبية احتياجات سوق العمل فحسب، بل يسهم في تمكين أبناء وبنات الوطن من صناعة مستقبلهم والمشاركة في تطوير حلول ذكية تخدم المجتمع والاقتصاد.
ندعو الجميع — طلابًا، موظفين، وأصحاب مبادرات — إلى استغلال هذه الفرصة والانضمام إلى رحلة التعلم والتطوير عبر مبادرة "مليون سعودي للذكاء الاصطناعي"، والمساهمة في بناء وطنٍ رقمي مزدهر يواكب طموحات العصر.