ما هو DNS؟ (تعريف مبسط)
DNS هو اختصار لعبارة Domain Name System، ويُترجم إلى "نظام أسماء النطاقات". ببساطة، DNS يعمل كدليل هاتف للإنترنت. فعندما تريد زيارة موقع مثل www.google.com
، فإن جهازك لا يعرف مباشرةً كيف يصل إليه باستخدام هذا الاسم، لأنه لا يفهم أسماء المواقع، بل يفهم عناوين IP الرقمية فقط، مثل 142.250.190.14
.
وهنا يأتي دور DNS: حيث يقوم بتحويل اسم الموقع الذي تكتبه في المتصفح إلى العنوان الرقمي الذي يمكن للحاسوب الوصول إليه.
فكر في الأمر كأنك تحفظ اسم صديقك في هاتفك، لكن عندما تتصل به، فإن الهاتف يستخدم الرقم الحقيقي المخزن خلف الاسم، هكذا تمامًا يعمل DNS، لكنه يفعل ذلك على مستوى الإنترنت ككل.
لماذا نحتاج DNS؟
لنفترض أنك تريد الدخول إلى موقع مثل youtube.com
. من الناحية التقنية، جهازك لا يستطيع أن يفهم هذا الاسم النصي، بل يحتاج إلى معرفة عنوان IP الخاص بالخادم الذي يستضيف الموقع، مثل 142.250.190.206
.
في بدايات الإنترنت، كان من الممكن للمستخدمين أن يدخلوا إلى المواقع باستخدام عنوان IP فقط. لكن مع تزايد عدد المواقع وتعقيد العناوين الرقمية، أصبح من غير العملي تذكر آلاف الأرقام للوصول إلى مواقع مختلفة. لذلك، تم إنشاء DNS ليسمح لك بكتابة اسم سهل الحفظ مثل facebook.com
بدلاً من سلسلة أرقام يصعب تذكرها.
إذن، DNS هو الحل الذي يجعل الإنترنت قابلًا للاستخدام بالنسبة للبشر. فهو يفصل بين الواجهة البشرية (أسماء النطاقات) والواجهة التقنية (عناوين IP)، ويقوم بجسر الاتصال بينهما بطريقة تلقائية وسريعة.
كيف تتم عملية الترجمة من اسم نطاق إلى عنوان IP؟
عندما تكتب عنوان موقع في المتصفح وتضغط Enter، يبدأ جهازك سلسلة من الخطوات للحصول على عنوان IP المرتبط بذلك الاسم، والعملية تحدث عادة في أجزاء من الثانية. إليك كيف تسير الأمور:
-
التحقق من ذاكرة التخزين المؤقت (DNS Cache)
أولًا، يبحث الجهاز في الذاكرة المؤقتة المحلية (cache) ليرى إن كان قد سبق له زيارة هذا الموقع ويحتفظ بعنوان IP الخاص به.
إذا وجده، يتم استخدامه فورًا دون الحاجة لأي خطوات إضافية. -
طلب من خادم DNS المحلي (DNS Resolver)
إذا لم يكن العنوان موجودًا في الذاكرة المؤقتة، يُرسل الطلب إلى "خادم الـ DNS المحلي" والذي يكون غالبًا تابعًا لمزود خدمة الإنترنت (ISP). -
استعلام تدريجي حتى الوصول إلى الخادم الصحيح
إذا لم يكن لدى الخادم المحلي إجابة، فإنه يبدأ سلسلة من الاستعلامات عبر الإنترنت:-
يبدأ بـ خوادم الجذر (Root Servers): وهي أول نقطة تُسأل، وتوجه الطلب إلى خوادم النطاق الأعلى (مثل
.com
أو.org
). -
ثم يُسأل خادم النطاق الأعلى (TLD Server): الذي يوجه الطلب إلى الخادم الرسمي للموقع المطلوب.
-
ثم يصل الطلب إلى الخادم الرسمي (Authoritative DNS Server) للموقع، وهو الذي يحتوي على المعلومة النهائية، أي عنوان الـ IP الفعلي.
-
-
إرجاع النتيجة إلى المتصفح
بعد الوصول إلى عنوان IP الصحيح، يرجع DNS Resolver النتيجة إلى جهازك، ويتم تخزينها مؤقتًا لاستخدامها في المستقبل، ثم يتصل المتصفح مباشرةً بعنوان IP لتحميل الموقع.
كل هذه الخطوات تحدث خلف الكواليس، وغالبًا خلال أقل من ثانية واحدة.
ما هي أنواع خوادم DNS؟
لفهم كيفية عمل DNS بشكل أفضل، من الضروري أن تعرف أنواع الخوادم التي تتعاون معًا خلال عملية الاستعلام. هناك أربعة أنواع رئيسية لكل منها وظيفة محددة:
1. DNS Resolver (الخادم المحلي أو المُحل)
هذا هو أول خادم يتلقى الطلب عندما تحاول زيارة موقع. يكون عادة تابعًا لمزود خدمة الإنترنت (ISP)، ويتولى مهمة إيجاد عنوان IP المناسب بالنيابة عنك.
إذا كان يحتوي على الإجابة في ذاكرته المؤقتة، يرد بها فورًا. وإذا لم يكن لديه، يبدأ بسؤال باقي الخوادم في السلسلة.
2. Root DNS Servers (خوادم الجذر)
هذه هي أعلى طبقة في هيكل DNS. لا تعرف خوادم الجذر عنوان IP النهائي، لكنها تعرف من أين تبدأ: فهي توجه الطلب إلى خوادم النطاق الأعلى المناسبة (مثل .com
، أو .org
).
يوجد 13 عنوانًا رئيسيًا لخوادم الجذر حول العالم، لكنها تُدار من قبل مؤسسات مختلفة وتنتشر عالميًا باستخدام مئات الخوادم.
3. TLD DNS Servers (خوادم النطاق الأعلى)
TLD تعني "Top-Level Domain"، وهي الخوادم المسؤولة عن النطاقات ذات الامتداد الموحد، مثل .com
، .net
، .org
، أو حتى النطاقات القطرية مثل .sa
أو .eg
.
هذه الخوادم تعرف مكان الخادم الرسمي الذي يحتوي على سجل النطاق المطلوب.
4. Authoritative DNS Servers (الخادم الرسمي)
هذا هو الخادم الذي يحتوي على الإجابة النهائية: عنوان IP الفعلي المرتبط باسم النطاق.
عندما يُسأل هذا الخادم عن اسم نطاق معين، فإنه يجيب بعنوان الـ IP المقابل، ومن ثم يُعاد هذا العنوان إلى جهازك.
كل خادم في هذه السلسلة يلعب دورًا ضروريًا، والخطوات تُنفذ بطريقة منظمة وسريعة تجعل الإنترنت يعمل بسلاسة تامة دون أن يشعر المستخدم بأي تأخير ملحوظ.
ماذا يحدث عندما تكتب عنوان موقع في المتصفح؟
عندما تكتب مثلًا www.example.com
في شريط المتصفح وتضغط Enter، تبدأ سلسلة من الأحداث التلقائية والمعقدة التي تحدث خلال أجزاء من الثانية. إليك ما يجري وراء الكواليس، خطوة بخطوة:
-
المتصفح يبحث في DNS Cache
أولاً، يفحص المتصفح أو نظام التشغيل إن كان اسم النطاق معروفًا مسبقًا ومحفوظًا في الذاكرة المؤقتة مع عنوان IP الخاص به.
إذا وُجدت النتيجة، يُستخدم عنوان IP فورًا دون أي طلبات إضافية. -
إرسال استعلام إلى DNS Resolver
إذا لم تُوجد نتيجة في الذاكرة، يرسل النظام استعلامًا إلى خادم DNS المحلي (غالبًا تابع لمزود خدمة الإنترنت). -
استعلام خوادم الجذر (Root Servers)
إذا لم يكن لدى خادم DNS المحلي الإجابة، يُرسل استعلامًا إلى خوادم الجذر، التي تُخبره بخوادم TLD المناسبة (مثل.com
). -
استعلام خادم النطاق الأعلى (TLD Server)
خوادم TLD تُخبره بالخادم الرسمي (Authoritative DNS Server) الذي يمتلك عنوان IP الخاص بـexample.com
. -
استعلام الخادم الرسمي (Authoritative Server)
هذا هو الخادم الذي يحتوي على السجل النهائي، ويرد بعنوان IP الخاص بالنطاق. -
عودة النتيجة وتخزينها مؤقتًا
يتم إرجاع عنوان IP إلى جهازك، ويُخزن في الذاكرة المؤقتة لاستخدامه مستقبلاً دون تكرار العملية. -
الاتصال بالخادم واستدعاء الموقع
الآن المتصفح يستخدم عنوان الـ IP لإنشاء اتصال مباشر مع خادم الموقع، ويرسل طلب HTTP/HTTPS للحصول على محتوى الصفحة. -
تحميل الموقع في المتصفح
الخادم يرد بمحتويات الصفحة (HTML, CSS, JavaScript، إلخ)، ويبدأ المتصفح بعرض الموقع أمامك.
كل هذه الخطوات تحصل تلقائيًا دون تدخل منك، والسبب في أن العملية تبدو "فورية" هو اعتماد DNS على التخزين المؤقت في كل مستوى من السلسلة لتسريع الاستجابة وتقليل الوقت المستغرق في الطلبات المتكررة.
ما هو التخزين المؤقت (DNS Cache) ولماذا هو مهم؟
التخزين المؤقت في نظام DNS هو آلية لحفظ نتائج الاستعلامات السابقة بحيث لا يتم تكرار العملية الكاملة في كل مرة تزور فيها موقعًا إلكترونيًا. هذه الخطوة تقلل من الوقت اللازم للوصول إلى المواقع وتقلل من الضغط على شبكة الإنترنت.
أين يتم التخزين المؤقت؟
-
في المتصفح
معظم المتصفحات مثل Chrome وFirefox تحتفظ مؤقتًا بعناوين DNS التي استخدمتها مؤخرًا. -
في نظام التشغيل
نظام التشغيل (مثل Windows أو Linux) يحتفظ أيضًا بذاكرة مؤقتة مستقلة. -
في خادم DNS المحلي (Resolver)
خادم DNS الخاص بمزود خدمة الإنترنت يحتفظ مؤقتًا بعناوين IP للمواقع التي تم الاستعلام عنها مؤخرًا. -
في أجهزة التوجيه (Routers)
بعض أجهزة الشبكة تحتفظ أيضًا بنتائج DNS لتسريع الوصول للمواقع لجميع الأجهزة المتصلة بها.
ما فائدة هذا التخزين المؤقت؟
-
تسريع تحميل المواقع: بدلاً من تنفيذ سلسلة كاملة من الطلبات في كل مرة، يتم استخدام العنوان المخزن فورًا.
-
تقليل حركة الإنترنت (Bandwidth): لا حاجة لإرسال استعلامات متكررة عبر الشبكة.
-
تخفيف الضغط على خوادم DNS العالمية: مما يجعل الإنترنت أكثر استقرارًا وفاعلية.
-
تحسين تجربة المستخدم: لأن المواقع تُفتح بسرعة أكبر.
ما هي مدة بقاء النتائج في الذاكرة المؤقتة؟
كل سجل DNS يحتوي على ما يسمى TTL (Time To Live)، وهو رقم يُحدد كم من الوقت يمكن الاحتفاظ بهذه النتيجة قبل اعتبارها قديمة. يمكن أن تكون من بضع ثوانٍ إلى ساعات أو حتى أيام، ويُحددها مالك النطاق.
متى تكون هناك مشاكل بسبب DNS Cache؟
-
إذا تغير عنوان IP للموقع ولكن جهازك ما زال يحتفظ بالعنوان القديم.
-
في هذه الحالة، قد لا تتمكن من الوصول إلى الموقع أو قد يتم توجيهك بشكل خاطئ.
الحل؟ مسح (flush) ذاكرة DNS المؤقتة في الجهاز أو المتصفح.
مثال في ويندوز:
ipconfig /flushdns
التخزين المؤقت في DNS أداة فعالة جدًا، لكنها تحتاج أحيانًا إلى إدارة عند حدوث تغييرات.
متى يتم تحديث سجلات DNS؟ (ما هو Propagation)
عندما يقوم مالك موقع إلكتروني بإجراء تغيير على إعدادات DNS الخاصة بنطاقه، مثل:
-
تغيير شركة الاستضافة
-
تغيير عنوان IP للخادم
-
إضافة سجل جديد (مثل CNAME أو MX)
فإن هذه التغييرات لا تظهر مباشرة لكل المستخدمين حول العالم. بدلاً من ذلك، تمر بمرحلة تُعرف باسم "انتشار DNS" أو DNS Propagation.
ما هو DNS Propagation؟
هو الوقت الذي يحتاجه الإنترنت لتحديث وتوزيع التغييرات الجديدة في سجلات DNS إلى جميع خوادم DNS حول العالم. خلال هذا الوقت، قد يرى بعض المستخدمين التحديث الجديد، بينما ما يزال الآخرون يرون النسخة القديمة من الإعدادات.
كم يستغرق انتشار DNS؟
-
يتراوح عادة بين بضع دقائق إلى 48 ساعة، حسب:
-
قيمة TTL (مدة صلاحية السجلات).
-
سرعة تحديث خوادم DNS في مزودي الخدمة.
-
التخزين المؤقت في المتصفحات أو الأجهزة.
-
لماذا لا يظهر التغيير فورًا للجميع؟
لأن خوادم DNS حول العالم تحتفظ بنسخ مخزنة من السجلات، وتنتظر انتهاء صلاحية تلك النسخ قبل أن تطلب التحديث الجديد. وهذا يُعرف بالتخزين المؤقت (Cache).
مثال واقعي:
لو نقلت موقعك من استضافة A إلى استضافة B، وغيّرت سجل A الخاص بالدومين ليشير إلى IP جديد، فسيظهر الموقع من السيرفر الجديد لبعض الزوار خلال ساعة، بينما يراه آخرون من السيرفر القديم لمدة يوم تقريبًا، حتى تُحدث خوادم DNS في بلدانهم.
هل يمكن تسريع عملية التحديث؟
-
لا يمكن التحكم بجميع خوادم DNS، لكن يمكنك:
-
تقليل قيمة TTL قبل إجراء التغيير (مثلاً إلى 300 ثانية = 5 دقائق).
-
إعلام الزوار بوجود فترة انتقال.
-
مسح DNS Cache يدويًا على أجهزتك للاختبار.
-
أشهر خدمات DNS المجانية والآمنة
استخدام خوادم DNS خارجية أصبح شائعًا جدًا بين المستخدمين الذين يهتمون بسرعة التصفح، أو تجاوز الرقابة، أو حماية خصوصيتهم. فيما يلي قائمة بأشهر خدمات DNS المجانية والموثوقة، مع مميزاتها وأرقام عناوينها:
1. Google Public DNS
-
العناوين:
-
8.8.8.8
-
8.8.4.4
-
-
المميزات:
-
سريعة ومستقرة.
-
مدعومة من Google، وتعمل على نطاق عالمي.
-
موثوقة، لكنها تسجل بعض البيانات لغرض التحسين.
-
2. Cloudflare DNS
-
العناوين:
-
1.1.1.1
-
1.0.0.1
-
-
المميزات:
-
تركيز كبير على الخصوصية (لا يتم حفظ بيانات المستخدم).
-
تدعم تشفير DNS (DNS over HTTPS و DNS over TLS).
-
أداء سريع للغاية.
-
3. OpenDNS (من Cisco)
-
العناوين:
-
208.67.222.222
-
208.67.220.220
-
-
المميزات:
-
حماية من التصيد والبرمجيات الضارة.
-
إمكانية التحكم الأبوي (فلترة المحتوى).
-
موثوقة وتستخدم في البيئات المنزلية والتعليمية.
-
4. Quad9 DNS
-
العناوين:
-
9.9.9.9
-
149.112.112.112
-
-
المميزات:
-
تركيز على الأمان؛ تمنع تلقائيًا الوصول إلى مواقع ضارة.
-
لا تجمع بيانات المستخدمين.
-
مدعومة من مؤسسات أمنية غير ربحية.
-
5. NextDNS (متقدم)
-
المميزات:
-
يسمح بإنشاء حساب لتخصيص إعدادات DNS بالكامل.
-
يدعم تقارير مفصلة، وفلترة الإعلانات، والحماية من التتبع.
-
يمكن استخدامه على الأجهزة أو الشبكات بالكامل.
-
كل هذه الخدمات تعمل بشكل مجاني ويمكن استخدامها على أي جهاز. وهي لا تتطلب أكثر من استبدال إعدادات DNS في الجهاز أو الراوتر لتصبح نشطة.
اختيار الخدمة المناسبة يعتمد على احتياجك: هل تهتم بالسرعة؟ الخصوصية؟ الحماية من المواقع الخبيثة؟ كل خدمة تركز على جانب معين.
خاتمة: DNS هو العمود الفقري غير المرئي للإنترنت
رغم أن معظم المستخدمين لا يفكرون فيه، إلا أن DNS يلعب دورًا جوهريًا في كل مرة تفتح فيها موقعًا إلكترونيًا أو تستخدم تطبيقًا متصلًا بالإنترنت. هو النظام الذي يجعل أسماء المواقع مفهومة وسهلة الاستخدام، ويُترجمها إلى عناوين تستطيع الأجهزة فهمها والتواصل عبرها.
فهم طريقة عمل DNS لا يقتصر على المتخصصين، بل هو مهم حتى للمستخدمين العاديين، خاصة عندما يواجهون مشاكل في الاتصال، أو يريدون تحسين سرعة التصفح، أو حماية خصوصيتهم.
وبما أن DNS هو حلقة أساسية في سلسلة تصفحك، فإن التلاعب به أو تجاهله قد يؤدي إلى مشاكل أمنية أو بطء في الأداء. لذلك، من المهم أن تكون على دراية بكيفية عمله، وأن تعرف كيف تختار خوادم DNS المناسبة لك، وتتعامل مع مشاكله عند الحاجة.